Otohits.net, l'autosurf rapide et efficace Article headline مجازر 08 ماي 1945 الجزائر - The massacres of May 08, 1945 Algeria دودي للمعلوميات https://doudi2020.blogspot.com/

"'> breaking"'>

دودي للمعلوميات

مدونة اجتماعية تارخية علمية ثقافية رياضية متنوعة تهتم بكل القضايا المعاصرة والتكنولوجية الحديثة واخبار دولية تواكب التطورات الحديثة في كل الميادين والمجالات المختلفة .

اعلان قرب الموضوع"'>

اعلان وسط المقالة

اعلان اسفل المقال 2

ht
'>'>

مجازر 08 ماي 1945 الجزائر - The massacres of May 08, 1945 Algeria

مجازر 08 ماي 1945 الجزائر - The massacres of May 08, 1945 Algeria

إن أحداث الثامن ماي 1945 لم تكن نتيجة لأفكار تبلورت بين يوم وليلة، فعقب نهاية الحرب العالمية الثانية ومطالبة فرنسا بتحقيق وعودها، فهي أحداث لم تكن "ثورة على الطعام" مثلما أشارت إليه العديد من الكتابات،أو نتيجة للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المزرية التي كان يعيشها الشعب الجزائري أثناء الإحتلال الفرنسي، وإنما كانت هناك عوامل جوهرية أخرى كانت لها الذراع الطولي في بعث الأحداث، فماذا عن هذه الأحداث الأليمة التي حولت فرحة الجزائريين إلى مأساة دفعوا خلالها الثمن باهضا؟ وماذا عن دور الإدارة والسلطات الإستعمارية  وتغاضيها عن تصرفات المعمرين العنصرية واللاإنسانية بالتستر على الجرائم المرتكبة في حق الجزائريين وعرقلة المحققين في أداء مهامهم وكشف الحقائقأمام الرأي العام الدولي.

مكانة أحداث الثامن ماي 1945


تعتبر مجازر 08 ماي 1945 ذات أهمية بالغة في تاريخ الحركة الوطنية، وتختلف بأسبابها وطبيعتها ونتائجها عن الحوادث السابقة التي عرفتها البلاد منذ الاحتلال الفرنسي، ويعود الفضل لمجازر 08 ماي في دعم الاتجاه الثوري المسلح بعد أن كان فكرة لمجموعة من الأفراد، إذ بعد هذه الحوادث مباشرة تأكد الجزائريون أن: الكفاح السياسي السلمي الذي مارسوه منذ عام 1919 لا يجدي مع إستعمار متعنت،الوعود الفرنسية منذ الاحتلال حتى عام 1945 لم يتحقق منها وعد، ولن يتحقق  في ظل إستعمار استيطاني،الفرد الجزائري في ظل الاحتلال يبقى جزائري لا قيمة له، سواء كان من دعاة الإندماج، أو الإصلاح، أو الإستقلال، لذلك أعتبرت حوادث الثامن ماي تمهيدا لثورة أول نوفمبر 1954، حتى أن بعض المؤرخين يحصر أسباب ثورة 1954 في مجازر 08 ماي 1945.

 الظروف السائدة في الجزائر أثناء الحرب العالمية الثانية 


  كانت الجزائر في عهد حكومة فيشي خلال الحرب العالمية الثانية، تعيش بؤسا في الحياة الاقتصادية، وتململا  في الحياة السياسية الوطنية، فكانت الحركة الوطنية خلال 1940-1942 تفتقر إلى قيادة سياسية بعد وفاة الشيخ العلامة ابن باديس، بالإضافة إلى اعتقال مصالي الحاج، ومع تطور الأحداث والمتغيرات الجديدة، تمكن فرحات عباس من استيعاب التطورات الحاصلة حوله والناجمة عن اندلاع الحرب العالمية الثانية. 

وراح يطرح القضية الجزائرية برؤية جديدة، ففي 10 أفريل 1941 أرسل فرحات عباس رسالة إلى الماريشال بيتان مقترحا فيها مجموعة من الإصلاحات التي رآها ضرورية في الجزائر، فكان رد الماريشال سلبيا مخيبا للآمال، وبعد ذلك تقدم فرحات عباس يوم 22 ديسمبر 1942 بمذكرة وقعها ممثلون عن الولايات الثالثة (الجزائر، وهران، قسنطينة) باسم ممثلي الجزائريين المسلمين إلى الحلفاء بمن فيهم الفرنسيين، تتضمن المطالبة بأن تكون الجزائر معنية بتطبيق مبدأ حق تقرير المصير المنادى به من طرف الحلفاء. 

لكن السلطات رفضت استقبال المذكرة، ورفضها الأمريكان والإنجليز بدعوى أنها تخص الفرنسيين، وكرد فعل على ما عرفته تلك الرسالة من تجاهل، عمد الجزائريون إلى خطة جديدة للضغط على الفرنسيين، فاجتمعوا في مكتب الأستاذ بومنجل في الجزائر العاصمة وتم الاتفاق على نشر بيان جديد يتضمن مطالب الشعب الجزائري وكلفوا فرحات عباس بتحريره، وفي 10 فيفري 1943 تمت المصادقة على البيان الذي حمل في طياته مطامح الشعب الجزائري وتضمن حصيلة 112 سنة من الاحتلال.

 وتم تشكيل وفد من الموقعين على البيان قاموا بتسليمه يوم 31 مارس من نفس السنة إلى الحاكم العام بيروتون، وتم قبوله على اعتباره قاعدة للإصلاحات، وفي اليوم الموالي قدموا نسخا منه الى الحلفاء بالجزائر، الجامعة العربية، فرنسا، وبريطانيا، غير أن الجنرال كاترو الذي خلف بيروتون رفض البيان بدعوى أن ظروف الحرب لا تسمح بذلك، فزج بالكثير من الزعماء في السجون مما تسبب في هيجان الجزائريين وفي خلق الاضطرابات. 

فتدخل ديغول لمعالجة الموقف وأعلن جملة من الإصلاحات في خطاب له يوم 12 ديسمبر 1943 وشكل لجنة سماها لجنة الإصلاحات الإسلامية التي أعدت مشروعا إصلاحيا استوحت أفكاره من خطاب ديغول بقسنطينة، وصدر مرسوم 07 مارس 1944 الذي يمنح الجنسية الفرنسية لبعض الجزائريين وفق شروط وحيثيات خاصة.
لم يرض معظم النواب بهذا المرسوم باعتباره منافيا لما كان منتظرا من إصلاحات، وبعده بأسبوع تحرك الجزائريون من جديد وأسسوا في 14 مارس 1944 حركة أحباب البيان والحرية بسطيف والتي ضمت حزب الشعب الجزائري، جمعية العلماء المسلمين، وحزب فرحات عباس، كما نجحت في تجنيد حوالي 500 ألف منخرط .  

  الأحداث التي سبقت مظاهرات 08 ماي


إن مجازر الثامن ماي كانت قاعدتها تلك المظاهرات التي نظمت يوم الفاتح من نفس الشهر، هذه الأخيرة أعطت الطابع السياسي الوطني وزرعت الوعي ولقيت تأييدا شعبيا كبيرا سمح بتوفير الشروط اللازمة للضغط على الاستعمار الفرنسي لتحقيق المطالب الوطنية، وقد جرت هذه المظاهرات في كل المدن الكبرى وخاصة في الجزائر، وهران، قسنطينة، بجاية، تلمسان، مستغانم، قالمة، غليزان، سطيف، باتنة، بسكرة، عين البيضاء، خنشلة، سيدي بلعباس، سوق أهراس، شرشال، مليانة، سكيكدة، سعيدة، عنابة، وتبسة، أي أنها شملت كل التراب الوطني. 

وقد رفع خلالها المتظاهرون الذين ساروا في مواكب تقدر بالآلاف مطالبين بإطلاق سراح السجناء       السياسيين وباستقلال الجزائر، وإذا كانت مظاهرات أول ماي مقدمة وتمهيدا لتلك التي تلتها وتميزت بالشمولية على كافة جهات الوطن، فان مدينة عنابة عاشت يوم 03 ماي مظاهرة خاصة تزامنت مع سقوط مدينة برلين الألمانية، كما قام الجزائريون بواد الزناتي بڤالمة في اليوم السابع بانتزاع العلم الفرنسي من مقر دار البلدية وقطعوه الى ثلاث قطع ودنسوها.

وقد كانت هذه الأحداث الناجمة عن التوتر السائد آنذاك وسيلة لشحذ الهمم وتوعية الجماهير، الأمر الذي تنج عنه ارتفاع حدة هذه الاضطرابات سواء كانت منظمة  أو عفوية كتلك التي حدثت في أول ماي، حيث استغلت كل المناسبات فرصة لمعرفة مدى تجاوب الجزائريين مع التشكيلات السياسية الوطنية القائمة.

  سير مظاهرات يوم الثامن ماي

يرى بعض المهتمين بالتاريخ الوطني عامة وحوادث الثامن ماي 45 خاصة أن هذه الأخيرة كانت تنيجة حاسمة لالتقاء تيارين متعارضين، تيار يمثل وطنية متنامية، وتيار يمثل رجعية استعمارية مدعمة من قبل أعوان السلطات الفرنسية.
سطيف: توجه الجزائريون يوم 08 ماي عند طلوع الفجر إلى المسجد القريب من المحطة الخاصة بالسكك الحديدية مكان التجمع، وقد بدأت وفود المواطنين تصل تباعا تتقدمهم الكشافة الإسلامية وحاملي باقات الزهور ثم بقية الجماهير المقدرة فيما بين  08 إلى 15 ألف متظاهر حاملين رايات الحلفاء ولافتات تنادي بحياة الجزائر وسقوط الاستعمار، وفي حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا وعند وصول المتظاهرين إلى مقهى فرنسا مرددين لنشيد "من جبالنا" ونشيد "حيو إفريقيا". 

خرج محافظ الشرطة لافونت طالبا منهم سحب العلم الجزائري فقوبل طلبه بالرفض، والمواجهة العنيفة عندما حاول التدخل لنزع العلم بالقوة، أين تم إطلاق النار من طرف رجال البوليس على حامل الراية الوطنية الشاب الكشاف "سعال بوزيد" الذي يبلغ من العمر 22 سنة، لقد أثارت هذه الحادثة الفزع في صفوف المتظاهرين الذين افترقوا باتجاه المدينة والسوق الأسبوعي، وهنا نادى بعضهم إلى الجهاد فاستعملوا ما كان بأيديهم من عصي وأسلحة بيضاء فقضوا على الفرنسيين الذين وجدوهم في الشوارع والأسواق. 

وواصلوا مسيرتهم باتجاه النصب التذكاري أين وضعوا إكليلا من الزهور، وفي هذه الأثناء تدخل رجال الجند والبوليس فأطلقوا الرصاص على المتظاهرين وسقط مئات الشهداء، وتكررت هذه الأحداث الأليمة في كل من مدن خراطة، عموشة، عين الكبيرة، عين عباسة، وبوڤاعة حيث اقتحم الجيش الفرنسي منازل السكان منذ الساعة الخامسة مساء من يوم التاسع ماي.

ڤــالمـة: بينما كانت السلطات الفرنسة تقيم اجتماعا في ساحة "سانت أوغيستين"، وفور وصول أنباء المظاهرات، خرج المواطنون في حدود الساعة الخامسة مساء متوجهين إلى النصب التذكاري للشهداء، وأثناء مرورهم بشارع مجاز عمار أخرج مسؤول البوليس مسدسه وأطلق النار على المتظاهرين فسقط العديد منهم شهداء، إلا أن وحشية الاستعمار بلغت إلى حد السطو على بيوت معزولة وقتل وبقر بطون ما لا يقل عن 14 امرأة في أمسية واحدة. 

كما أن طائرات العدو قنبلت قرية"حمام أولاد علي" وبعض المداشر والدواوير فتحولت مسيرة الشرف والحرية إلى سيول من الدماء داخل مدينة ڤالمة، وحمل السفاح أشياري أندريه ميليشياته ليجمع من خلالها المساجين والموقوفين ليتم إعدامهم جماعيا قبل أن يلقي بجثثهم في أسفل الجبل وعمدوا إلى ترك الجثث متراكمة لإرهاب السكان، حيث استمر التقتيل بمنطقة "كاف البومبة" لأكثر من أسبوعين.

عنابـة: تجمع المتظاهرون في ساحة السوق في الساعة الثالثة بعد الزوال وانطلقوا نحو النصب التذكاري تتقدمهم الكشافة الإسلامية، ولدى رفع المتظاهرين للعلم الوطني أطلق رجال البوليس النار عليهم فوقعت مشادات بين الطرفين أفضت إلى العديد من الجرحى، كما تبعت هذه المشادات بأعمال تخريبية. 
   
منطقة الجزائر: إن المظاهرات التي جرت في كل أنحاء الجزائر تأتي في الدرجة الثانية بعد مظاهرات سطيف وڤالمة التي كانت نتيجة التوتر والأعمال القمعية. وقد كادت مظاهرات مدينة البليدة أن تتحول الى مجازر حيث تجمع حوالي 8000 شخص استعدادا لانطلاق المسيرة التي كانت متوجهة نحو الساحة من باب الرحبة حتى دار البلدية، حيث استقبل المتظاهرون بالرشاشات وأطلق جنود الاستعمار النار عليهم فسقط منهم الشهداء والجرحى، ونفس المسيرة شهدتها مدينة البرواقية.

منطقة وهران: في مدينة وهران تم تنظيم مسيرة جمعت حوالي ألف شخص انطلقوا من المدينة الجديدة نحو وسط المدينة مطالبين بتحرير السجناء. كما تجمع حوالي 4000 شخص و600 امرأة في الشوارع الرئيسية لمدينة سيدي بلعباس وساروا في مسيرة رافعين خلالها رايات الحلفاء والعلم الوطني، ونفس المسيرة شهدتها مدينة مستغانم حيث وضع المتظاهرون إكليلا من الزهور على النصب التذكاري ، ونفس الشئ بمدينة تلمسان.

هذه بعض النماذج وعينة من التقتيل والابادة الجماعية لشعب أعزل، ذنبه الوحيد أنه ناضل من أجل استقلال بلاده. فإذا لم تعترف فرنسا لحد الآن بهذه المجازر، فهي مطالبة أن تأخذ المطلب بعين الجدية في إطار حقوق الإنسان علها تبيض صورتها عالميا.

   نتائج مظاهرات 8 ماي 1945 ودورها في التخطيط الثوري

اختلفت الآراء والإحصائيات حول عدد الضحايا والمفقودين،في مظاهرات الثامن ماي 1945 ، لكنها اتفقت في أنها كانت مأساوية وأن المجازر التي ارتكبتها فرنسا في حق الشعب الجزائري الأعزل كانت الأبشع في تاريخ فرنسا، ومهما يكن عدد ضحايا المجازر سواء أكثر أو أقل من 45 ألف شهيد فإن الشعب الجزائري احتفظ بهذا الرقم ليبقى راسخا في الأذهان ويعيد   إلى الذاكرة سنة 1945 كل عام وفي كل مناسبة وطنية. 

فتلك المجازر الرهيبة التي لا يتصورها العقل حتى من الوحوش الضارية أكدت للعالم بأسره وللشعب الجزائري خاصة أن لا خير يرجى من فرنسا ودلت على أن فرنسا قد تنكرت لكل القيم الإنسانية و العهود والمواثيق الدولية والأخلاقية، ومارست كل أنواع الإبادة الجماعية وأحرقت المدنيين الجزائريين بعد تجميعهم بالعشرات ورشهم بالبنزين في حظائر، وبقروا بطون الحوامل على رهانات زجاجات خمر بين جنديين إن كان ما في بطن الحامل ذكر أم أنثى.

 وألقوا بالمواطنين من الطائرات كما رشوا آلاف الجثث بالجير حتى  لا تؤذي الأوروبيين وتركوها أياما وليالي على أرصفة الطرقات لتكون عبرة لمن بقي على قيد الحياة من الأهالي ولتكون ابتهاجا للأوربيين، واستخدمت الأفران لحرق جثث المدنيين خاصة في نواحي قالمة، وكان الفرنسيون يجبرون الأهالي على دخول أكواخهم لتمر فوقهم الدبابات وتتحول الأرض إلى مزيج من الطين والدم. 

وتؤكد هذه الأفعال أن المحتلين ارتكبوا صورا من الجرائم الدولية ضد الشعب الجزائري في مقدمتها جرائم الإبادة التي تمنعها أحكام القانون الدولي الجنائي وتعاقب عليها أمام المحاكم الجنائية الدولية، وزيادة على المجازر التي ارتكبت في حق الشعب الجزائري سلطت الإدارة الفرنسية أنواع شتى من القمع السياسي والقضائي منذ 19 ماي بموجب نظام القانون العرفي، فبدأت بالاعتقالات وألقي القبض على فرحات عباس ومساعديه الرئيسيين أحمد فرنسيس، أحمد بومنجل، الأستاذ قدور الساطور، الأستاذ مصطفى الحاج، الدكتور بن خليل، وعزيز كسوس والدكتور سعدان بالعاصمة واتهموا بالمساس بالسيادة الفرنسية. 

كما ألقي القبض على الشيخ محمد البشير الإبراهيمي وعلى الآلاف من رجال جمعية العلماء المسلمين وأنصارها وأتباع الحركات الوطنية الأخرى، بالإضافة إلى الزج بالآلاف في معتقلات الجنوب حسب شهود العيان، ورغم صدور قانون العفو الشامل في مارس 1946 إلا أن البعض لم يطلق سراحهم حتى الاستقلال، وقامت السلطات الاستعمارية بتعذيب المعتقلين في أقسام الشرطة ومكاتب التحقيق، ولم تسلم حتى النساء من التعذيب والقتل بأبشع الطرق.

ولم تكتف فرنسا بهذا القدر من الظلم والوحشية بل أعقبت المجازر برقابة صارمة عزلت المربع القسنطيني عن باقي الجزائر والعالم إلى غاية 14 ماي من نفس السنة، لكن بعض البرقيات المختصرة التي نشرت في 11 و12 ماي سمحت بالتشكيك في جزء من الحقيقة، وفي 10 ماي نشرت الصحف في صفحاتها الأولى بلاغا من الحاكم العام جاء فيه أن عناصر متأثرة بالأساليب الهتليرية. 

اعتدت بأسلحتها على الجماهير التي كانت تحتفل بالنصر بمدينة سطيف وضواحيها، وفي 12 ماي قامت الحكومة العامة بالإبلاغ عن برقية أرسلها ديغول مؤكدا عن رغبة فرنسا المنتصرة في عدم السماح بالمساس بسيادة فرنسا بالجزائر وطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة لقمع كل السلوكات المعادية لفرنسا والتي تقوم بها أقلية من المحرضين حسب قوله.

ومنذ ذلك اليوم أخذ الشعب الجزائري ممثلا في نخبته الثورية، يخطط بحكمة رشيدة وعزم صادق، وبسرية تامة ليوم أول نوفمبر الخالد فاندلعت ثورة التحرير المباركة وخاض الشعب غمارها ببطولة واستبسال، ورغم قوة فرنسا وحلفائها الذين مدوها بالعتاد والمال، فإن الشعب الجزائري حقق نصرا مبينا ووضع بشجاعته وعزمه الفصل الختامي لمأساة رهيبة ظلت فرنسا تمثلها على مرأى من العالم قرنا وربع قرن، ولمجازر ماي يعود الفضل في دعم الاتجاه الثوري المسلح بعد أن كان مجرد فكرة لمجموعة من الأفراد. 

وتأكد الجزائريون أن الكفاح السلمي الذي مارسوه منذ عام 1919 لا ينفع مع الاستعمار الفرنسي وأن الوعود الفرنسية منذ الاحتلال حتى عام 1945 لم يتحقق منها شئ ولا يمكن أن يتحقق في ظل الاستعمار الفرنسي الاستيطاني، وأن المواطن الجزائري لا قيمة له في نظر الاستعمار سواء كان من دعاة الإدماج أو الإصلاح أو الاستقلال لذلك اعتبرت مجازر ماي 1945 تمهيدا لثورة التحرير المجيدة وعامل من أهم عوامل اندلاعها ونواة لتعبئة ثورية تفجرت في عام 1954.

ورغم الخسائر الفادحة في الأرواح التي تكبدها الشعب الجزائري على إثر مظاهرات الثامن ماي، إلا انه يحق للحركة الوطنية الافتخار بشعبه لأنه وقف وقفة رجل واحد عبر كامل التراب الوطني وطبق التعليمات والشعارات بدقة ويشهد العالم بأسره على ذلك الاتحاد والصمود لشعب محب للحرية والسلام رغم تحريف الحقيقة من طرف السلطات الفرنسية وفرض الرقابة على الأحداث. 
       
لقد تركت ذكرى مجازر الثامن ماي 1945 جرحا عميقا في قلب الأمة الجزائرية، فكلما عادت ذكراها إلا واستعدنا صور الجثث والتقتيل والتنكيل والاضطهاد والمعاناة، صور الجرائم الشنعاء المرتكبة ضد الشعب الجزائري والإنسانية جمعاء لأنها تعد من أكبر جرائم الحرب في العالم ، والتي يجب أن تحظى بعناية الباحثين والدارسين والمؤرخين ورعاية الحكومات والدول والمنظمات الدولية، لذا لابد من التذكير بها كل سنة وإعطائها العناية اللازمة. 

وأن نبحث عن الأساليب التي تجعل هذه الذكرى إطارا يمكننا من الاهتمام بالتاريخ الجزائري للحفاظ على مآثر ثورة التحرير وكتابة تاريخنا الوطني بصفة عامة وتاريخ الحركة الوطنية وثورة التحرير بصفة خاصة وحمايته من التزييف والتحريف، لأن هذه المجازر الوحشية كانت فرصة تاريخية للحركة الوطنية التي طالبت بالاستقلال والحرية ممثلة خاصة في حزب الشعب الجزائري الذي كان عليه أن يتخذ من مجازر ماي 1945 حجة ضد دعاة المساواة والإدماج وكذا المترددين والمتخاذلين وليستعد للعمل فيطور أسلوب النضال و يستعد للكفاح المسلح من خلال حركة انتصار الحريات الديمقراطية وإنشاء المنظمة السرية والتي قامت بالإعلان عن الثورة التحريرية المباركة.

خــاتــمــــــــــة

إن الشعب الجزائري استطاع أن يتغلب على أعدائه المحتلين وينتصر عليهم ويفتك حريته منهم بفضل إيمانه بالله وبحقه في الحياة الكريمة، وبفضل توحيد طاقاته وصفوفه ورغبته القوية في صنع الحياة وبناء المجد والعزة لهذا الوطن، وهي القيم الوطنية التي بقي الشعب الجزائري متشبثا بها قرنا وربع قرن من الاحتلال محافظا بذلك على شخصيته ومقاوما من أجل الوطن رغم كل المصاعب التي لم تزده إلا عزما وصلابة وقوة، ومن واجبنا في هذه المناسبة أن نقف وقفة خشوع،وإجلال وتعظيما لأرواح شهدائنا الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم الزكية وسقوا بدمائهم الطاهرة أرض هذا الوطن العزيز و دفاعا عن حرية وكرامة الأمة ووحدة وسيادة الوطن. 

المراجـــــــع
                فرحات عباس، ليل الاستعمار، دار القصبة للنشر، الجزائر، 2005.
                  الثورة الجزائرية أحداث وتأملات، جمعية أول نوفمبر، 1994 .



***********************


***********************


***********************


***********************

اعلان الصفحة الرئسية