البخل آفة اجتماعية - Stinginess

البخل آفة اجتماعية

البخل آفة من أشد الطباع قبحا في البشر، فالتاريخ لا يخلو من سير البخلاء و قصصهم، شاع قديما عن خورسان انها كانت منبت البخل و قلعته، فكان الصبي إذا اشتد عوده جيء به ليلقن اصول البخل و قواعده، فيتعلم اكتناز المال و الاقتار في الانفاق، يقول سيدنا علي كرم الله وجهه :إذا جادت الدنيا عليك فجد بها ** على الناس طرا إنها تتقلبُ، فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت ** ولا البخل يبقيها إذا هي تذهبُ،وبا التالي فاالبخل افة اجتماعية تهدم الاسرة وتزرع الكراهية بين افراد المجتمع.

البخل مرض في نفوس البخلاء

البخل داء فتاك كم فرق بين أحباب، وأغلق بيوتاً، وهدم أسراً، ودمر مجتمعات، وزرع الحقد والغل في الصدور، فتقطعت الأواصر، وانصرمت الوشائج، وقام على أساسه سوق الحسد والبغض، وهو من أدوء الأدواء وأخبثها، يشعر بأن صاحبه لا يثق في الله تعالى، فهو دائماً يسيء الظن بخالقه، ويحسب أنه لن يرزقه، ولن يكرمه، وأن هذا الذي بين يديه من الخير والمال والنعمة لو انقضى فلن يأتي بعده خيرٌ، ولن يخلف الله عليه بسواه، وأن أمواله لو تصدق منها صار فقيراً معوزاً كالمتصدق عليهم، وما أيقن هؤلاء الظانين بالله ظن السوء أن المال لا تنقصه الصدقة بل تنميه وتبارك فيه.

درجة البخل في الماضي

وكان شباب خورسان إذا خرجو في تجارة اخذ كل منهم قطعة لحم في زاده، حتى إذا حطو رحالهم و اوقدو نارهم ربط كل منهم قطعة اللحم التي اشتراها بخيط، ووضعها في القدر فإذا نضجت شد الخيط من القدر و اكلها وحده، و قيل أن شبابا من خورسان اشتركو في بيت، و كان اثاثه على نفقتهم، فأبى أحدهم أن يشاركهم في ثمن المصباح، بحجة أن نوره سيصيب كل أرجاء البيت فلا حاجة له ليدفع مقابلا لذلك، فما كان من شركائه إلا أن قامو بتعصيب عينيه كلما أقبل الليل، حتى لا يبصر نور المصباح.

 و يحكى أن ابو جعفر المنصور الذي عرف بحنكته و دهائه السياسي الا انه عرف ايضا بأنه ابخل الخلفاء فيحكى ان شاعر مدحه فأطربه و لشدة طربه اخذ يضرب قدمه على الارض، فقال اعطوه نصف دينار، فقال الشاعر يا خليفة لقد مدحت قبلكم ابن عبد الملك ابن مروان فأعطاني30 الف درهم فكيف تامرلي بنصف دينار؟!! فقال أبو جعفر المنصور لحاجبه، لا تعطوه نصف الدينار و ابعثو معه من يسترد 30 الف درهم، وكان البخيل إذا مرض و أصابته الحمى، قالو لأهله اشترو بامواله طعاما و أدعو من يأكل الطعام امامه، فإذا حدث ذلك اشتدت حرارته حتى تعرّق و تعافى بعد ذلك.

انتشارآفة البخل في مجتمعنا

والأسف الشديد..هذه العادة منتشرة بين بعض الأفراد وتجد إن عائلة بأكملها أو منطقه بأكملها معروف عنها بالبخل وكم تبدوا العلاقات بين الناس جافة وباردة وكريهة حينما يكثر هذا النوع من البخلاء في المجتمع، أو يبتلى شخص بهذا النوع من الناس في علاقاته ومحيطه الاجتماعي، حيث يضاعف تصرفهم هم المهموم ومصيبة المصاب وألم المتألم بدل أن يهبوا لنصرته وتخفيف آلامه وجزعه ومصابه .

التاريخ لا ينسى الشخص الكريم

لكن وعلى النقيض من ذلك نجد اشخاص ذكرهم التاريخ لكرمهم، فكانت الأولوية عند العرب للكريم قبل الشجاع، فحاجتهم للكريم دائمة اما حاجتهم للشجاع فلا تكون إلا في يومين: يوم يكرون فيه فيُكِر، و يوم يغزونهم فيه فيصُد،ويروى أن الحجاج ابن يوسف بالرغم من قسوته و شدته كان شديد الكرم، فكان كلما جاؤوه بطعام لا يطعمه إلا إذا دعى من يشاركه فيه، وكان حاتم الطائي هو الاخر مثالا للكرم محب للإنفاق فقال: يقولون لي أهلكت مالك فاقتصد ****وما كنتُ لولا ما تقولونَ، سيّدا، كلوا الآن من رزق الإله وأيسروا ***فإنّ على الرّحمنِ رِزْقَكُمُ غَدا، من هنا البخل يتسبّب في خلق المشاكل بين الزّوجة والزّوج، وبين الوالد والأبناء، ويصبح هناك أجواء من التوتّر والنّفور تصاحب العلاقات الأسريّة،لابدّ للإنسان من أن يكون صاحب خلق كريم ومعطاء مع الأقربين قبل الأبعدين، وأهل الدّار أولى بالبرّ والخير، وأن يربّي أولاده على الكرم وحبّ الخير للجميع.

***********************

***********************

***********************

***********************